2018: عام الإحتمالات
قبل ما يزيد عن السنة، أطلقنا على العام 2018 "عام الاحتمالات" بحثاً عن نموذج جديد لمواصلة تنمية عملنا وتأثيرنا. وخلال ذلك العام، وعبر ورشات العمل والإقامات الفنيّة والبرامج التي عقدناها، نضج موضوع "الاحتمالات" ليصبح شعاراً نردّده ونلجأ إليه. فعندما ننجح، نحتفي بالإقرار بـ"الاحتمالات" كطريقة لتحقيق النتيجة الإيجابيّة. وعندما نواجه تحديّاً، نفكّر في "الاحتمالات" كتذكير بالإبقاء على الأمل والإرادة، وتذكير بقرب النتيجة الإيجابيّة.
أسبوع عمّان للتصميم 2019 قفزة في المجهول، وتقبّل ما لا يمكن توقّعه، ومطالبة بالاستكانة إلى فقدان السيطرة. فبدلاً من الإذعان إلى التحليلات، والمعلومات، والبحث عن حلول عبر مسار حل المشاكل المنهجي، علّمتنا "الاحتمالات" الكثير عن الفضول، والاستكشاف، والأحلام. بمعنى آخر، "الاحتمالات" تعني الاسترسال.
لذلك، تعلّمنا بأنّه ثمّة الكثير من الطرق بانتظارنا، والكثير من المسارات، والعديد من النهايات التي تنبثق منها بدايات ومسارات جديدة. وبقدر ما تثير هذه الأفكار حماساً، تغرس "الاحتمالات" شعوراً بالقلق تجاه ما قد يحدث. إذ يتعلّق الأمر بالتخلّي عن المسلّمات، والشروع في مسار إبداعي لا يحمل نتيجة واضحة في أفقه.
ففي أسبوع عمّان للتصميم 2019، أصبحت أمور أموراً أخرى: فأصبح الطعام منسوجات، وأصبحت المنسوجات هندسة معماريّة، وأصبحت الهندسة المعماريّة عناصر من الأرض، وأصبحت تلك العناصر حرفاً يدويّة.
هذا الأمر يعني إعادة سرد القصص القديمة بأساليب جديدة، ودعوة فاتنة لإعادة إصلاح العلاقات: فمن إعادة التواصل مرّة أخرى مع التقاليد، والممارسات والنصوص القديمة، إلى صياغة تفاهمات جديدة حول علاقتنا بالمشاهد من حولنا، ومواكبة العلوم المعاصرة من عوالم افتراضيّة ومتخيّلة، وتقنيّات ومسارات. لا يعمّر "الجديد" حين لا يمكن توقّع التحديات، وحين نواجه هذا اللايقين. علّمنا المصمّمون أن "الاحتمالات" تتعلّق أيضاً بالمرونة.
ولكي يكون المرء مرناً، عليه أن يتعلّم متى يقاوم ومتى يتقبّل، متى يتبنّى الأفكار ومتى يتركها وراءه، ما ينجح وما يفشل. ومثل التصميم، المرونة مسار يتطلّب تقييماً وإعادة تقييم مستمر للوضع الرّاهن. وليس عبر فرض الحلول، بل عبر خلق سبلٍ جديدة يمكن من خلالها التغلّب على التحديات. تحمل "الاحتمالات" أمل انعدام الهزيمة، لكنّها تشجّع على إعادة كتابة السرديّات بدلاً من ذلك.
- رنا بيروتي